اللي بناها كان في الاصل حلواني
بقلم كريم مدحت

في
ظل هذا التزايد الرهيب والبشع لعدد السيارات وما يتبعه من حوداث وكوارث في ارجاء
الشارع المصري لم استطع ان اقف مكتوف الايدي دون حتي ابداء وجهة نظري ولكن في
البداية اسمحوا لي ان اعرض بعضا مما يحدث في الشارع المصري :
1- حادثة علي طريق
المحور اسفرت عن ثلاث قتلي واربعة مصابين
2- انقلاب سيارة
علي الطريق الصحراوي تسببت في انفجار ادي الي مقتل ستة
3- مصرع مواطن تحت
عجلات سيارة ب ( دارو )
4- مصري واصابة 10
في انقلاب ميكروباص بالدقهلية
الي
اخره من تلك الحوداث التي سمعنا عنها مرارا وتكرارا وتكرارا كل يوم في شوارعنا بصورة مأساوية .
اصبح
من الضروري ان تري ذلك كل يوم .. حتي ولم تكن حادثة .. يجب ان تمر بواحدة من تلك
المواقف :
1- تعد ساعتين في
مشوار مياخدش غير نص ساعة عشان قابلتك اشارتين كل واحدة قعدت فيها نص ساعة .
2- لو سايق لازم
تلاقي واحد كسر عليك .. واخد خبط من الجنب .. واحد كسرلك مراية ........الخ
3- تلاقي عربية
ماشية عكس الاتجاه لمجرد ان صاحبها طاقق حبتين وعايز ( يروش ) .
الي
اخر تلك المواقف المستفزة التي نراها .. ولو حاولت عدها لاخذ مني اكثر من تلت اربع
مقالات .
اذن
متفقين معي ان ما يحدث في الشارع المصري غير طبيعي .. كل يوم نسمع عن حادثة وناس
ماتت وناس في المستشفي بين الحياة والموت .. رسالة اوجهها الي قاداتنا .. هو اللي
بيحصل دا شيء عادي وانا اللي مزودها ؟ وهل الكلام دا بيحصل في اوروبا والدول
المتقدمة ؟ لو اه يبقي احنا اسفين اننا ازعجنا سيادتكم .. لو لأ يبقي ارحمونا بقي
عشان اخواتنا وقرايبنا اللي بيموتوا في الحوادث دي ومين عارف مش جايز نكون احنا
المرة الجاية!!
(
السواقة ) تعد واحدة من اصعب العمليات التي يقوم بها الانسان المصري .. لان كل
واحد بيسوق في شارع جوا مصر لازم يخلي باله من سواقته ومن سواقة الناس اللي جنبه
عشان ( ميلبسوش في بعض ) .
السواقة
هي عملية معقدة تتكون من علاقة بين ثلاثة اطراف هم الانسان والعربية والطريق . ولو
اعتبرنا ان العربية دي عامل ثابت ( لانها في الاول والاخر عربية .. كانت سيات ولا
مرسيدس اسمها في الاخر عربية .. بغض النظر عن العربيات الغير مؤهلة إلا للوضع في المتحف التي نراها في
الشوارع المصرية ) .. يتبقي لنا الانسان والطريق .
يعني
السبب في الحادثة يا اما واحد سواقته علي قده .. يا اما طريق بيستهبل .. وبما ان
الانسان دا عمره ما هيتغير ( لان اللي بيسوق هيفضل يسوق ) يبقي مقدمناش غير الطريق اللي بيستهبل ودا نوع
من الطرق متلاقهوش إلا في مصر .
الطريق
اللي بيستهبل دا هو الطريق اللي تلاقي فيه 4 عربيات ماشين بالعرض وهو اساسا عرضه 3
متر .. ودا وان دل انما يدل علي العبقري المسئول عن تخطيط وتصميم الطرق علي هذه
الشاكلة .
المهندس
الفذ اللي صمم الشوارع المصرية صممها علي اساس عدد معين من العربيات .. يعني هو
عمل عرض الشارع 3 متر عشان كان ايامها عدد العربيات كان يسمح بحوالي عربية واحدة
بس في كل شارع ... ولم يلتفت هذا العبقري الي ان عدد هذه العربيات سوف يزداد يوماً
ما .. ولن تكفي هذه الشوارع لاستيعابهم .
تناسي
اهم شيء في التصميم الهندسي ..ألا وهو النظرة المستقبلية للتصميم دا وهل هيناسب
الفترة الزمنية القادمة .
نسي
انه في مصر اللي فيها حاجتين مهمين اوي يزودوا العربيات .. الحاجة الاولي عدد
السكان اللي بيزيد بطريقة مهولة .. والحاجة التانية هو عدد الحرامية (الذين يطلقون
علي نفسهم رجال اعمال) واللي بردو بيزيد بطريقة مهولة وتلاقي كل واحد شاري عربيتين
تلاتة وموزعهم علي ولاده ( اللي هم موصلوش اساسا السن القانوني للسواقة ) .
فاسمحوا
لي ان اجرد هذا العبقري من لفظ مهندس والقبه بالحلواني .. فبعد مرور عشرات السنوات
اثبت لنا التاريخ صحة الاغنية التي تقول ( اللي بناها .. بني مصر .. كان في الاصل
.. حلواني ) .
ويظهر
ان القادة السياسين في ذلك الوقت ذهبوا الي اكبر الحلوانيين في مصر وقالوا له ( بص
بالصلاتو علي النبي كدا .. عايزينك تجيب العدة بتعتك وتخططلنا شوارع البلد دي )
ومن يومها انطلق يسعي في الارض فسادا .. والفوا له اغنية ( اللي بناها كان في
الاصل حلواني ) ... وحقا لا الومه .. فهو في الحقيقة لا يعرف شيء في الهندسة ..
فهو في الاصل حلواني .. اضطره النداء الوطني ان يلبي مطالب البلد ويقوم بهذه
المصيبة .
فكيف
لي ان اساله كيف كانت رؤيته المستقبلية لهذا التخطيط العمراني البشع .. ولكن اذا
اردت السؤال فاسال من طلب منه ان يقوم بذلك .. فهو الملام .. ولكن يبدو انهم ارادوا
بالفعل - عن عمد - لذلك الحلواني ان يقوم هو بالتصميم .. يبدو انهم ارادوا هذه
الحوادث وكأنهم يقولون ( وفيها ايه لما تموتوا .. اديكوا بتقللوا عدد السكان ) .
والدليل
علي كلامي هذا ان اضطر احدهم للمرور في مثل هذه الشوارع .. تجد انهم اوقفوا سير
السيارات وسير المواطنين حتي يمروا من هذا الطريق .. فهم فعلا لا يأمنوا غدر مثل
هذه الطرق من حوادث ومصايب لانهم عارفين
ان اللي بناها كان حلواني ... وما ان يمر موكب السلاطين حتي يستعيد هذا
الشارع حركة سير السيارات والمواطنين (
ويسيبوها تضرب تقلب .. مش مهم .. المهم انهم عدوا من الشارع دا ) .
ويبدو
ان هذه السلالة من هؤلاء الحلوانيين مازالت مستمرة حتي يومنا هذا وما زال قيادتنا
تثق فيها الي ابعد الحدود .. فلازلت اراهم يسعون في الارض فسادا .. فحتي الانه نري
الكباري والطرق والانفاق ( حتي الجديدة منها ) زي ما بيقولوا كدا ( يا دوبك علي اد
العربيات ) .. فكيف هو منظر هذه الطرق بعد عشر سنين من الان .. بعد عشرة سنين من
الزيادة السكانية .. هل ستحتمل الكثافة البشرية .. ام أن المأساة ستستمر وتزداد
الحوادث معلنة عن مدي هي حقارة ( حياة انسان بسيط ) عند المسئولين عن ذلك وكأن
لسان حالهم يقول لنا : اخبطوا راسكم في الحيطة .. ما هو اللي بناها ولسه بيبنيها
وهيبنيها كان في الاصل حلواني .
|