بقلم : محمود عبد العليم
أعلن جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم عن فوز مصر باستضافة كأس
العالم 2010 وذلك باجماع كل أعضاء لجنة التصويت بالفيفا والذين أشادوا بالملف
المصرى العملاق وجدارته فى اكتساح منافسيه ونيل هذا الشرف الكبير.
خبرصغير جدا لطالما انتظرنا كثيرا لحظة سماعه وأعددنا العدة للاحتفال به فى
جميع أنحاء المحروسة الى ان جاءت اللحظة الحاسمة والتى تبخرت بعدها كل الامانى
والاحلام واستيقظنا لنجد أنفسنا فى مواجهة كابوس مفزع وهو كابوس صفر المونديال
الذى نزل كالصاعقة على المصريين فأصابهم فى مقتل .
وما أشبه الليلة بالبارحة!! ودارت الايام وتغيرت الاحوال والظروف واذا بنا
نفاجأ بالخبر الذى أخذنا نحلم به لفترات طويلة بل وعشناه بالفعل فى احلامنا
ومخيلاتنا اذا به واقع حقيقى ولكن مع تغيير حرفين ورقمين فقط فى الخبر .
نفس الخبر بنفس صيغته ولكن مع وضع قطر بدلا من مصر و2022 بدلا من 2010 ,
وشتان الفارق بين حلم طويل عشناه وتيقنا انه صعب المنال وواقع مبهر فاجأت به قطر
العالم اجمع وأسعدت الشعب العربى به .
لقد شعرت _ومثلى الكثيرين من المنتمين لعروبتهم _بالفخر والاعتزاز ازاء
نجاح دولة قطر الشقيقة فى تحقيق الحلم الكبير بنيل شرف تنظيم كأس العالم 2022 .
هذا النجاح الذى أدخل السرور والبهجة على قلوب كل أبناء الوطن العربى يعد
نموذجا للعمل المنظم والتخطيط السليم والأخذ بكل مقومات النجاح للوصول للغرض المنشود
تحقيقه وابهار العالم بأسره .
وكم كانت سعادتى بالغة وأنا اشاهد أبناء لغتى العربية يتفوقون باكتساح على
قرنائهم من الاجناس الغربية المختلفة بما يمتلك هؤلاء من امكانيات مادية وقدرات
بشرية هائلة .
استطاعت قطر تلك الدولة الصغيرة ان تذهل العالم وتكتسح أكبر قوى عظمى فى
العالم ألا وهى الولايات المتحدة الأمريكية وتهزمها شر هزيمة وبجدارة يحسد عليها
أنصار العنابى .
وعلى قدر فرحتى الغارمة وسعادتى بانتصار اشقائى القطريين على قدر ما كان
حزنى وحسرتى على أبناء بلدى المصريين_فراعنة الماضى والحاضر والمستقبل _كما يطلقون
على أنفسهم .
لقد أعاد الانتصار القطرى العريض الى أذهاننا خيبة أملنا الكبير وصفر
المونديال الشهير والذى حصلنا عليه للاسف بجدارة ايضا خلال سباقنا على محاولة
تنظيم المونديال الافريقى 2010.
تخيلوا معى ان قطر "والتى تبلغ مساحتها حوالى ربع مساحة مصر بل وقد
لايفوق عدد سكانها على عدد عن سكان محافظة حيوية فى مصر كمحافظة حلوان "
انتصرت على أكبر قوى عظمى فى العالم , بينما لم نستطع نحن ان نثبت جدارتنا حتى على
المستوى القارى فقط بعد أن كان بلاتر قد أصدر قرار بتنظيم مونديال 2010 فى القارة
السمراء .
وليت الهزيمة كانت مشرفة أو توحى بأى جهد تم بذله ولكنها كانت مخزية وقاسية
على كل المصريين . ولم نستطع الحصول على أى صوت من أصوات أعضاء اللجنة التنفيذية
بالفيفا حتى ممثل ترينداد وتوباجو والذى لعبنا مع متنخب بلاده مباراة ودية قبل
التصويت بأسابيع قليلة أملا فى الحصول على تأييده ولكنه فى النهاية منح صوته لمن
يستحق من وجهة نظره ؛ ولو كان هناك مصريا داخل أعضاء اللجنة المعنية بالتصويت
آنذاك ما منحنا صوته لا لشئ الا لسوء طريقة عرض الملف المصرى والتخبط الشديد بين
المسئولين عنه واعتمادنا بشكل مبالغ فيه على حضارتنا القديمة وماضينا العريق دون
توضيح لجهود الحاضر أوتطلعات المستقبل الذى نسعى اليها .
وجاء القطريون بعد 6 أعوام تقريبا
من هذا الصفر المؤلم ليكشفوا لنا الفضيحة الكبرى التى طالتنا امام انظار العالم
والتى لم يحاسب المتسببون فيها حتى الآن بل والغريب أن معظمهم بدلا من ان تواريهم
حمرة الخجل تشبثوا بمناصبهم و يتقلدون حاليا أعلى المناصب على المستوى الرياضى فى
مصر فى الوقت الحالى
سيبقى يوم الخميس 2 / 12 / 2010 محفورا وعالقا فى أذهان العرب ودليلا دامغا على
براعة القطريين وقدرتهم على تحقيق ما عجز عنه الكثيرون ممن كان يراودهم حلم تنظيم
المونديال ,ولستذكر الاجيال القطرية القادمة هذا اليوم على مر التاريخ وقد يتخذ عيدا للرياضة فى البلد الشقيق فيما بعد
؛ كذلك مثلما بات يوم السبت15/ 5 / 2004 دليلا دامغا أيضا على الفشل الذريع للجنة
المصرية المسئولة عن ملف مونديال 2010.
ولكن ؛ كيف نجحت قطر فيما فشلنا نحن فيه ؟؟
وكيف انتصرت على من سبقوها من البلاد القوية فى جميع أنحاء العالم ؟؟
هل المال وحده هو من صنع الفارق ؟؟!
هناك من يخدع نفسه بهذا ويجزم على أن بدون المال ما نجحت قطر ، ولكن هل
الولايات المتحدة الأمريكية لا تملك المال الذى تملكه دولة صغيرة مثل قطر ؟؟!!
وان كان المال وحده هو من صنع النجاح القطرى الباهر فلنسأل أنفسنا بضعا من الاسئلة.
لماذا لم تتقدم قطر فى سباق تنظيم المونديال من قبل ؟؟"ولا كانت قطر
فقيرة زمان واكتشفت ان عندها ميراث فجأة "
لماذا لم تتقدم قطر لتنظيم بطولة 2018 بدلا من الانتظار الى 2022 ؟؟
لماذا اختارت قطر بطولة 2022 بالذات بالرغم من علمها بحتمية وجود منافسة
محتدمة مع دولة سبقتها فى هذا المجال التنظيمى بعشرات السنين مثل أمريكا ؟؟!!
لاينكر أحد منا دور المال فى تحقيق الحلم القطرى وأهميته البالغة ولكن ليس
بالمال وحده تصنع المعجزات ، ولكن فوز قطر جاء بسواعد أبنائها القوية وعزائمهم
النشطة وسعيهم الدائم الى تطوير بلادهم واستغلال مواردهم الاستغلال الأمثل والأخذ
بالتقنية الحديثة فى كافة المجالات .
لقد استطاع القطريون أن يعبروا عن ارادة أبناء الشرق الأوسط وتطلعاتهم
لتنظيم الحدث العالمى الأكبر من خلال ملف قوى شامل شهد ببراعته كل من شاهده وتابعه
.
لقد كان الملف القطرى ملفا رائعا ومبهرا مزج فيه القطريون بين عراقة
المنطقة العربية وأصالتها والتاريخ الحضارى الاسلامى وبين التكنولوجيا المتطورة
الحديثة فى كافة المجالات ليس الرياضية فقط .
لقد استطاع القطريون جذب أنظار العالم أجمع الى ملفهم المذهل من خلال
استغلال كل سبل الدعاية الممكنة له من اقصى الارض الى ادناها فجالوا العالم كله ,
بينما نحن المصريون كنا نسعى لجمع رغبات طلاب المدراس الابتدائية والاعدادية داخل
مصر حتى نفوز بتنظيم المونديال !!هكذا دعوا لملفهم وهكذا دعونا لملفنا الباهت .
فقد استحوذت قطر على تأييد معظم نجوم العالم فى كرة القدم السابقين
والحاليين ورغباتهم الأكيدة فى فوزها وفتح آفاق جديدة لكرة القدم فى الشرق الاوسط
أمثال الفنان زين الدين زيدان والاسطورة ليونيل ميسى ولويس فيجو وغيرهم بينما كنا
نحن نبحث عن حفلات لمحمد منير تحت سفح الاهرامات وابوالهول _مع كامل احترامى للنجم
الاسمر المحبوب_ ولكن مامدى تأثيره على صناع القرار داخل دولة الفيفا .
اهتم المصريون بالدعاية بكل السبل للملف المصرى داخل مصر وحرصوا على تأييد
الاطفال المصريين الصغار قبل الكبار ولكن نسوا الأهم الأ وهم المعنين بالأمر (
أعضاء اللجنة التنفيذية ) بينما أرسل القطريون نسخ متعددة الى كل عضو فى اللجنة
التنفيذية داخل مقر عمله فى بلاده وأرسلت قطر مندوبين منها الى بلاد هؤلاء خصيصا
لشرح وعرض الملف القطرى لكل منهم .
المدهش أيضا ان القطريون سعوا لمونديال 2022 لعلمهم انهم فى ذلك الوقت
ستكون تلك الدولة الصغيرة فى أبهى صورها وكامل هيئتها واستعدادها لاستضافة ذلك
المحفل العالمى الكبير و
أنهم حينئذ سيكون قادرين على تقديم المونديال الانجح والاقوى والافضل على مر
العصور "منتهى الدقة والنظام فى كل شئ " .
لقد خدعنا أنفسنا بالعديد من الأوهام وخدعنا اعلامنا بالاكاذيب وايهامنا
بأننا فعلنا كل شئ مع أننا لم نكن بعد قد دخلنا السباق أوحتى وصلنا لنقطة الانطلاق
.
ولكن؛ ما الغريب فى هذا؟؟!!
كيف ننجح فى تنظيم بطولة عالم ونحن حتى لانقدرعلى تنظيم مجرد مسابقة محلية
أو حتى وضع جدول ثابت للمباريات لموسم واحد لتلك المسابقة لايحدث به تغييرات, بل
ان مقياس النجاح الان بالقدرة على ايجاد مواعيد مناسبة للمباريات المؤجلة .
صدق أولا تصدق ؛ فنحن البلد
الوحيدة فى العالم التى تقام فيها مباريات الدورى والكأس فى يوم واحد , ثم نأتى
بعد كل ذلك نسأل لماذا فشلنا؟؟!!
كيف ننجح فى تنظيم بطولة عالم واتحادنا الموقر (وهو يضم من هم اصحاب الصفر
الشهير ) لا يستطيع ان ان يضع برنامجا محددا للمباريات الودية للمنتخب الأول حتى
خلال 6 أشهر فقط قادمة , مبارياتنا الودية نعلم بها قبلها بشهر بالكتير اوى .
صدق ويجب أن تصدق ؛ الاتحاد القطرى يعكف حاليا بالتعاون مع أكاديمية ASPIRE القطرية العالمية الشهيرة على تنقية واعداد
الجيل الذى سيمثل قطر فى بطولة العالم 2022 , هذا الجيل الذى لم يتعد العاشرة فى
الوقت الحالى يعده القطريون من الان لتمثيل البلاد فى هذا المحفل العالمى الكبير
بينما نحن حتىالان لم نعرف بعد ان كان مصطفى يونس سيستمر مع منتخب الأمل المصرى فى
البطولة الافريقية القادمة المؤهلة لكاس العالم بكولومبيا والتى ستقام الشهر
المقبل بليبيا ام انه سيتفرغ لعمله الاعلامى .
وعجب العجاب بعد كل هذا أن يأتى من يشير الى ان الاتحاد الدولى قد منح مصر
تعويضا عن ملفها العبقرى!!فى 2010 حق تنظيم بطولة العالم للشباب 2009 بالرغم من ان
الاتحاد الدولى كان قد قرر ان تقام البطولة فى افريقيا وفتح باب الترشيح للبطولة
فلم يتقدم لها سوى بتسوانا !!
فكيف بالله عليكم !! بطولة عالم للشباب مثل هذه تحمل حبات اللؤلؤ والمرجان
للمستقبل الكروى فى العالم تقام فى بلد مثل بتسوانا ؛وهنا فقط طلبت الفيفا من مصر
تنظيم البطولة فوافقنا على الفور .
وصحونا فجأة على خبر تنظيم مونديال الشباب الذى لم نسمع حتى عن مجرد سعينا
لتنظيمه , ولا وصل بينا الحال اننا هنقارن أنفسنا ببتسوانا !!!!!.(أين حمرةالخجل
يا هواة تزييف الحقائق؟؟! ) .
وفى النهاية لايفوتنى الا ان اكرر تهنئتى للشعب القطرى والى أبناء قطر
ابطال الانجاز الكبير المسئولين عن الملف القطرى :
*الشيخ محمد بن حمد آل ثانى رئيس الملف القطرى .
*صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند حرم سمو أمير دولة قطر.
*حسن عبدالله الذوادى المدير التنفيذى للملف القطرى .
*ناصر الخاطر مدير الاتصالات والتسويق فى ملف قطر .
*الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثانى رئيس الاتحاد القطرى لكرة القدم .
مع تمنياتى الخالصة لهم بأن يبهروا العالم وأن يظهروا الوجه الحقيقى المشرق
للعالم العربى الاسلامى أمام ضيوفهم فى هذا العرس العالمى الكبير ـــــــــ ولا
عزاء لاخواننا التانيين.
(أرسل سمير زاهر
رئيس الاتحاد المصرى لكرة القدم تهنئة لرئيس الاتحاد القطرى بمناسبة فوز قطر
بتنظيم بطولة كأس العالم 2022 ويعده بحضور حفل الافتتاح كرئيس للاتحاد المصرى )
| 